خاص - شبكة قُدس: أبدت شخصيات وطنية وسياسية فلسطينية رفضها لسلوك لأجهزة أمن السلطة، التي زادت من وتيرة ملاحقتها بحقّ كتائب المقاومة في مناطق شمال الضفة الغربية المحتلة، خاصّة في طوباس، إذ تستمر المواجهات بالحجارة وإغلاق الطرق وإشعال الإطارات المطاطية في شوارع طوباس منذ 5 أيام بين الشبّان الغاضبين وأفراد كتيبة طوباس، على خلفية ملاحقتهم من قبل أجهزة أمن السلطة خاصّة بعد اعتقالها قائد الكتيبة أحمد أبو العايدة من مركبته قرب مخيّم الفارعة، في الثامن من الشهر الجاري.
ومنذ لحظة اعتقال أبو العايدة، يخرج مئات الشبان الغاضبين يوميًا إلى الشوارع، ومعهم ذوي الشهداء والمطاردين للاحتلال، إلا أن الأجهزة الأمنية تعاملت معهم بالقمع، والضرب، وإلقاء القنابل المسيّلة للدموع صوب تجمّعهم، إضافة إلى تنفيذ اقتحامات لمنازل الشبّان المطاردين، واعتقالهم عدد منهم بعد نصب كمائن لهم في الطرقات، أو عبر اقتحام مكان تواجدهم في منطقة "السوق القديم".
واعتبر نائب رئيس المجلس التشريعي، حسن خريشة في حديث لـ"شبكة قُدس"، أن ممارسة الملاحقة بحقّ المقاومين في طوباس، "أمر غير مفهوم، وغير منطقي، ومرفوض شعبيًا ووطنيًا وأخلاقيًا، خاصّة وأن الاحتلال الإسرائيلي يركّز هجماته بحقّ مدن وقرى ومخيّمات شمال الضفة، ولذا فإن المقاومة بهذه المناطق والأماكن تعتبر أمرًا مطلوبًا".
وتابع: "قد يتفهم الناس موقف السلطة بأنها لا تريد أن تقاوم بسبب التزاماتها بالاتفاقيات مع الاحتلال، وحديثها المتكرر عن عدم القدرة على المواجهة، لكن من غير المفهوم أن تتم ملاحقة المناضلين والمقاومين وتشويه صورتهم وتفكيك العبوات التي أعدت لمواجهة اقتحامات الاحتلال للمخيمات، لا سيما وأننا لا نعيش حياة طبيعية، بل إبادة يومية في قطاع غزة والضفة، ما يستدعي أن تعود العلاقة مع الاحتلال إلى شكلها الطبيعي، أي عبر المقاومة".
ولفت خريشة إلى أن أفراد كتيبة طوباس غير طارئين على الحالة النضالية، حيث أنهم ظهروا قبل معركة 7 أكتوبر واستمروا بعدها. مضيفًا: "قائد كتيبة طوباس، أحمد أبو العايدة، يقاوم منذ عام 2022 وتعرض لمحاولات اغتيال عديدة، وهو جريح بفعل عدوان الاحتلال، لذا فإن اعتقاله أمر غير مفهوم، وهذا يذكّرنا بما جرى مع قائد كتيبة طولكرم الشهيد محمد جابر -أبو شجاع-".
وأشار خريشة إلى أن المقاومين في كتيبة طوباس، أعلنوا مرارًا أن سلاحهم غير موجّه صوب أحد سوى الاحتلال، وهذه الصيغة التي يتم تبنيها وطنيًا، ولذا فإن السلطة مطالبة اليوم، بأمور عديدة، أبرزها: "عدم ملاحقة المقاومين، وعدم اعتراضهم عملهم، وأن يتخلى من اتخذ قرار ملاحقتهم عن قرار، ثم يعتذر عن ذلك، وأن يتم اعتبار المقاومين حالة وطنية يمنع المساس بها". مضيفًا: "الاحتلال أضعف السلطة بشكل كبير، رغم أنها لا يريد انهيارها، لكنه أيضًا يريد لها أن تكون ضعيفة وغير قادرة فعل شيء بالموضوع الوطني".
وأضاف: "الاحتلال لا يفرّق بين مقاوم، أو مفاوض، أو سلطة عند اقتحامه المدن الفلسطينية، وهو الآن لا يعترف بالسلطة ولا بالاتفاقيات الموقّعة، وينتهك مناطق السيادة الفلسطينية بشكل يومي، وبات الوزير الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش، هو الحاكم الفعلي للضفة، ولذا فإن السلطة مطالبة بالوضوح في هذه القضية، وأن تمنع ملاحقة واعتقال وتشويه المقاومين، خاصّة وأن دماء العديد من أبناء الأجهزة الأمنية امتزجت بدماء المقاومين".
بدوره، يقول الأسير المحرر وعضو الحراك الوطني الديمقراطي، عمر عسّاف لـ "شبكة قُدس"، إن السلطة الفلسطينية في قمعها الحالة الوطنية في طوباس، تؤكد ما يتم تداولها إعلاميًا بأن الأجهزة الأمنية اتفقت مع الاحتلال على ملاحقة المقاومين، وتعهّدت بعدم وجود أي مظاهر مقاومة للاحتلال، إلا أن ما يزيد المشهد تعقيدًا هو أن هذه السلوكيات تأتي في ظلّ تصاعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ولبنان.
وتابع: "سلوك السلطة في طوباس يتعاكس مع إرادة الشعب والجماهير، ويمثّل عزلة وإدانة لها، خاصة وأنه يأتي انعكاسًا لالتزامات السلطة باتفاقيات التنسيق الأمني مع الاحتلال، والتي تأتي تحت ذرائع مختلفة وحجج واهية، والتي نراها في سياق تفكيك العبوات التي تتحدث عنها السلطة بشكل علني". وحول ادعاء شخصيات رسمية في السلطة الفلسطينية حول عدم وجود تنسيق أمني مع الاحتلال، رد عسّاف: "هذا محض كذب، والشاهد أنه عند اعتقالي الأخير أبلغوني في الأجهزة الأمنية أن اعتقالهم الشبّان المتظاهرين في رام الله جاء على خلفية هتافهم ضد التنسيق الأمني".
واعتبر عسّاف، أن سلوك السلطة ينعكس على السلم الأهلي والمجتمعي بشكل سلبي خصوصًا عند حالات الاعتقال التي تتم من قبل أجهزة أمن السلطة لأقرباء وجيران المطاردين. مشيرًا إلى أنه مطلوب الآن موقف وطني واضح لردع السلطة عن سلوكها، وأن يتم رفع الصوت عاليًا أمام السلوك البائس الذي يتغول في في القمع الأمني وملاحقة المقاومين، وفق تعبيره.
أما القيادي في حركة فتح، وعضو مجلسها الثوري، فخري البرغوثي، يرى أن أجهزة أمن السلطة لم يعد هناك ما يشغلها سوى ملاحقة الحالة الوطنية في طوباس وجنين، "وكأنه لا يوجد أمامنا مشاكل ومعاناة من الاحتلال، لذا عليهم أن يحاسبوا أنفسهم، لأنهم باتوا بعيدين عن الانتماء لشعبهم" بحسب قوله.
وأضاف: "لا نريد من الأجهزة شيئًا سوى الابتعاد عن الوطنيين، وأن يكفّوا أيديهم عنهم، لأ ما يفعلوه في طوباس ليس في صالحهم، والقوى الوطنية اليوم مطالبة بالوقوف ومتابعة ما يجري في طوباس بحقّ من يعملون على خلق حالة وطنية فيها".
وكانت محافظة طوباس قد أصدرت بيانًا اليوم، قالت فيه إنها لن تسمح بأي مظهر مسلح (استعراضي) تستغله حكومة الاحتلال لتنفيذ أجنداتها الإجرامية، وأنه سيتم فرض النظام والقانون في المحافظة ضمن خطة أمنية واضحة هدفها مصلحة المواطن الفلسطيني من أجل أن ينعم الجميع بالأمن والأمان" وفق البيان.
وردًا حول هذه الجزئية من البيان، تساءل البرغوثي قائلًا: "قبل أسابيع اقتحموا مقرّ الجزيرة وسط مدينة رام الله، ويوميًا هناك اعتداءات في قرى رام الله، والأجهزة لا تحمي هذه المناطق، والآن يريدون حماية طوباس! اقتحامات المستوطنين يومية، والاحتلال لا يريد مبررًا لفعل أي شيء، ولا يتعامل مع السلطة على أنها موجودة بل عمل على تفكيكها، باستثناء الأجهزة الأمنية التي تتلق أوامر خارجية، ومن الواضح أن مهمتهم الآن هي مطاردة الناس في جنين وطوباس".